كانوا يتحدثون في أمور كثيرة، وأنا في عالمي بعيداً عنهم تماما، أفكر في الحياة الدنيا، ومعجزة الموت، وغرابة الحياة، واختلاف نواحيها، تفكر أنغمسُ فيه كلما مات أحد أعرفه شخصياً، ترى كيف يعيش أول أيامه هناك؟ ومتى سألحق به، وكيف سأموت أنا؟ ما آخر آية قرأها في نفسه قبل موته؟ وما آخر رجاء غلف فيه دعاءه الأخير ، لو كان أحد ختم حياته بدعاء لأجل دنيا، هل سيكون على ما طلب نادما ؟ أم أن الله سيلهم عباده دعاء الآخرة في هذا الموقف؟
هل كانت مناجاته الأخيرة تشبه مناجاة آسيا زوجة فرعون؟ ترى ما آخر سر حدث الله به؟ كيف كانت آخر صلاة صلاها ؟ هل شعر بقرب أجله؟ ماذا كان يخطط لغده ؟ ما آخر عمل عمله ؟ وما آخر ذكر رطب لسانه به؟ والآن كيف حاله هناك؟ هناك حيث لا يعرف أحد من الأحياء شيئًا عن هناك، إلا ما أخبرنا به الله ورسوله، من المؤكد أنه قابل أصحابه، لابد أنه سعيد مع أبنائه وأحفاده، الحمد لله، ارتاح الكاهل مما كان يحمل من هم الدنيا.
نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا، فعلى ما يخلفه الموت من ألم في نفوس الأحياء، إلا أنه هزة عنيفة، توقظ ما رقد في النفس من أمر الدنيا، فلسنا كلنا كأبي عبيدة عامر بن الجراح إذ قال لصاحبه:
"هي أيام ونمضي..."

شكراُ لمشاركتك بمراجعة و تقييم الكتاب
سيتم مراجعة مراجعتك قبل نشرها للتأكد من مطابقتها لشروط و أنظمة الموقع