الأجزاء : 1
الموضوع : روايات
السنة : 2024
الطبعة : الأولى
القياس : 14*22
عدد الصفحات : 122
اللغة : العربية
لن يشعر بألم الأشخاص ومعاناة إلا من عاش مثلها. إنّ التعاطف شعور نبيل يجمعنا مع بني البشر، لكن عندما تقلب الأدوار وتعيش ما عاشوا ستتغير لديك الرؤية وستصير إنسانا آخر، يتكلم عن تجربته المرة من باب التجربة، سواء كانت فقدا أو مرضا أو حربا أو كارثة إنسانية. إنّ ما أذاقه الإنسان للإنسان من تنكيل واستعباد وظلم منذ فجر التاريخ لا يمكن أن يصدق بشاعته شخص حتى يعيش مثله. تأخذنا رواية 'أسود وأبيض' للكاتب المغربي مصطفى ماء العينين في رحلة استثنائية عبر حقبة من القرن الثامن عشر الميلادي، حيث تقدم لنا نظرة فريدة ومثيرة حول واقع العبودية في الولايات المتحدة الأمريكية منذ اكتشافها ووصول الأوروبيّين لها واكتشاف ما تزخر به من غنى طبيعي. عرفت الولايات المتحدة نشاطا غير مسبوق لتجارة العبيد الذين يستقدمون من إفريقيا السوداء من أجل بيعهم في السوق الأمريكية لكبار الفلاحين والإقطاعيين والصناعيين. وذلك ليشتغلوا في حقول القطن والذرة وغيرها من الأنشطة الفلاحية التي تستلزم جهدا كبيرا، وذلك في ظروف مناخية واجتماعية صعبة لا يمكن تحملها. ناهيك عن الأنشطة الصناعية واللوجستية كالسكك الحديدية التي أرساها فوق الأرض الأمريكية آلاف العبيد السود آنذاك في ظروف غير إنسانية. رواية لا يتجاوز عدد صفحاتها المائة وعشرين لكنها كالسهل الممتنع، تجعلك تطرح أكثر من سؤال أولها، ماذا لو كنت أنا؟ تشكل هذه الرواية محطة مهمة في الأدب، حيث تجمع بين التأريخ لواحدة من أحلك المراحل في تاريخ البشرية والتخيل وقلب الأدوار لتقديم رؤية مختلفة للقضايا الاجتماعية، ولقد صادف أنّ قلب الأدوار حدث بين البيض والسود، لكن هذا التغيير يمكن أن يحدث بين أي من الفئات البشرية. ليدفع القارئ إلى التفكير العميق في مفهوم الحرية والعدالة من زاوية مختلفة تماما عن المعتاد، تتخذ الكتابة لغة بسيطة ومؤثرة تجسد معاناة العبيد والتضحيات التي قاموا بها من أجل الحرية. في هذا السياق، تصبح الرواية مرآة لواقع العبودية الذي ترتسم فيه معالم القهر والتمييز. ومن خلال تسليط الضوء على هذه الفترة التاريخية المظلمة، تثير الرواية تساؤلات عميقة حول العدالة والإنسانية، مما يجعلها قطعة أدبية تتحدث بقوة عن قضايا جوهرية تستمر في التأثير على المجتمعات المعاصرة. إنّ الحرية هي أغلى ما يملك البشر وهذا ما جعل ملايين المناضلين على مرّ التاريخ يفقدون حياتهم من أجلها. فلا يمكن لأي جهة مهما علت وتجبرت أن تسكت في الإنسان الصوت الداخلي المشتاق إلى الانعتاق من الاستعباد والظلم والميز العنصري. هي كالماء، مهما غاب بسبب الجفاف، سيعرف طريقه بين الجبال والسهول والوديان عندما تمطر.
شكراُ لمشاركتك بمراجعة و تقييم الكتاب
سيتم مراجعة مراجعتك قبل نشرها للتأكد من مطابقتها لشروط و أنظمة الموقع