الأجزاء : 1
الموضوع : اللغة العربية وآدابها
السنة : 2024
الطبعة : الأولى
القياس : 17*24
عدد الصفحات : 198
اللغة : العربية
هل يستدعي ما تقدّم أن ندير ظهورنا لهذا الأدب الذي طالما قُدّم لنا أو طالما قدّمناه بصورة وردية جميلة، وخاصة إذا نظرنا بعين الاعتبار الشديد - على سبيل المثال لا الحصر- إلى حقيقة أنّ الراويين الرئيسين لشعرنا القديم (حمّاد الراوية وخلف الأحمر) ليسا أكثر من مغامرين أفّاقين، أو إلى حقيقة أن حارسي بوابة نثرنا القديم (ابن المقفّع وسهل بن هرون) ليسا أكثر من زنديق وشعوبي؟! أحسب أنّ الجواب السديد، يتمثّل في ضرورة تفهّم هذا التداخل المربك الذي قد يصل حدود الفوضى أحيانا، وفي ضرورة مواجهته بدلاً من مواصلة القيام بدفن رؤوسنا في رمال الصور النمطية الوردية الخادعة، لأنّ هذا التفهم وهذه المواجهة هما اللذان يمكنهما أن يتكفّلا بإنهاء حالة الإنكار العبثي الذي قد يصل بباحث تقليدي، حدّ الانهيال على معتقدات الجاهليين بالقدح والذم من جهة وإعلاء المعلّقات فوق مستوى التحليل والنقد إلى درجة التقديس من جهة ثانية؛ فأيّ انفصام وأيّ ازدواج بعد هذه المفارقة؟! كما أحسب أنّ كلّ ما تقدّم - وعلى الرغم من اشتمال المدوّنة النقدية العربية المعاصرة على جهود تفكيكية جريئة - يُلزمني بالقول: إنّ غالبية جهودنا النقدية منقوعة في التغنّي بأدبنا العربي القديم على نحو مثالي ورومانسي وانتقائي، وإنّ غالبية هذه الجهود خجولة وحذرة ومفعمة بالخوف من السقوط في مشاعر الذنب، جرّاء خشيتها من تجاوز الحدّ في التواصل مع هذا الأدب الذي تعالى وتطهّر وتنمّط، على نحو يذكّرنا بموانع خرافة الحبّ العذري التي لم أدّخر وسعًا في هذا الكتاب لتقويضها جملة وتفصيلا، انطلاقًا من قناعتي بأنَّ النقد الجذري هو انتهاك معرفي ومنهجي متواصل لتعالي النص والسياق، وبأنَّ التنصّل من هذا الواجب - عبر الاختباء خلف الواجهات الجمالية المحايدة أو الموضوعية المدرسية الباردة - ليس أكثر من هروب مكشوف من ضرورة حراثتهما. غسان إسماعيل عبد الخالق
شكراُ لمشاركتك بمراجعة و تقييم الكتاب
سيتم مراجعة مراجعتك قبل نشرها للتأكد من مطابقتها لشروط و أنظمة الموقع