تصنف مسرحية "البهلوان" للكاتب الراحل د.يوسف إدريس ضمن «المسرح الذهني»، حيث أن الأشخاص ليسوا سوى وسيلة لعرض الأفكار لنستطيع مشاهدتها تتحرك أمام أعيننا على منصة المسرح، ويعتبر عقل المؤلف بمثابة ساحة رئيسية للصراع الدرامي، وهذا نوع من أنواع المسرح الذي يتميز بالمباشرة والإلتزام بأسس عقائدية وفكرية.
وتحتوي مسرحية البهلوان على جانبٍ تسجيليّ، وقد كتبها الدكتور يوسف من إلهام إحدى الحملات الصحفية التي واجهها ورداً على هذه الحملات، حيث أن هذه الحملات تعرضت لها بالتشهير والإتهام رداً على كتابه (البحث عن السادات) حيث هاجم في هذا الكتاب الرئيس المصري الراحل أنور السادات، فقامت الصحف بمهاجتمه على أنه ينتحر ويغتال تاريخ الرئيس، كما اتهموه بأنه خائنٌ وعميل، فما كان من يوسف إدريس إلا أن يرد عليهم بمسرحيته البهلوان، حيث أن البطل في هذه المسرحية حسن المهيلمي صحفيٌ يمارس مهام رئيس التحرير في النهار في جريدة الزمن، وفي المساء يمارس عمله كبهلوان في السرك المصري العالمي، مستخدماً المساحيق والطلاءات لإخفاء معالم وجهه، وهو يحب الكرسي الذي يجلس عليه ولكي يحافظ عليه ولأن في داخله جزءاً لا يرضى بتصرفاته، قرر أن يخرج كل الصراحة التي لديه ولكن دون أن يعرض نفسه للمساءلة ودون أن يفقد منصبه، لهذا ذهب للسيرك.
ومن ضمن الحوارات التي جرت بين رئيس التحرير "البهلوان" ومساعده، كان يصرّح أن عمله الصحفيّ كرئيس تحرير هو ليس أكثر من (بهلوان)، حيث أن شخصية البهلوان ترتدي القناع، قناع ارتداه يوسف إدريس ليعبر عن رأيه من خلاله عن نوع من الصحف ليس أكثر من (سيرك) يتحكم لاعبوه في مشاعر الحضور من خلال الكلمات والأفكار، مقابل حركات لاعبي السرك الخطيرة، هو سيرك فيه مهرجون يملأون وجوههم بطلاء حبر المطبعة، ولاعبون جيدون في ضرب السوط في الهواء لإحداث أكبر قدرٍ من الفرقعة، وأسود تزأر ليس في غاية أن تعبر عن رأيها وإنما تزأر لأن دورها يتطلب منها ذلك.
شكراُ لمشاركتك بمراجعة و تقييم الكتاب
سيتم مراجعة مراجعتك قبل نشرها للتأكد من مطابقتها لشروط و أنظمة الموقع